
تفاجأ الكثيرون العالقون في المرحلة الرابعة (استمرار عملية البحث والتقصي) من تغير حالتهم لدى الاستعلام من موقع مديرية النفوس والمواطنة الخاص بذلك وظهور رسالة تفيد بأن: ” طلبكم المقدم بخصوص الحصول على الجنسية الاستثنائية تم رفعه من الإجرائية”.

وكانت الصدمة كبيرة بالنسبة للغالبية التي تؤكد عدم وجود أي ثغرة في ملفاتهم إن كان من ناحية الأوراق الثبوتية أو المؤهلات التي يحملونها أو من الناحية الأمنية حيث لا ارتباط لديهم مع أي جهة مصنفة إرهابية وليس لديهم أي نشاط ضد الدولة التركية بل على العكس تماماً هناك كتلة كبيرة تحمل مؤهلات علمية عالية أو ملاءة مالية واقتصادية تم توظيفها كاستثمارات في تركيا.
كثيرون بنّوا خططهم ورتبوا حياتهم على أساس أنهم سيحصلون على الجنسية التركية فطلباتهم قيد التقييم والبحث والتقصي منذ أكثر من 3 سنوات وكلهم أمل أن يحصلوا على الجنسية مثلهم مثل البقية الذين حصلوا عليها وليسوا أقل منهم من حيث المعايير والشروط المطلوبة بل تولد لديهم شعور بالظلم وعدم العدالة ,حيث يشاع أيضاً بأن بعض السوريين قد حصلوا عليها بوثائق شخصية مزورة أو لا يحملون عِشر ما يملكون من مؤهلات، وهناك أيضاً من يجاهر بعدائه للدولة التركية ومناصرته للنظام أو لبعض الأحزاب الانفصالية أو المصنفة ضمن التنظيمات الإرهابية قبل حصوله على الجنسية التركية وبعد حصوله زاد من جرعات الشتم والكراهية ضد الشعب السوري والتركي بآن معاً.
لا أحد يستطيع حتى الآن في ظل غياب أي تصريح أو تبرير رسمي أن يخمن الأسباب الكامنة وراء إزالة الملفات ورفعها من الاجرائيات، هناك الكثير من التحليلات والتخمينات من قبيل؛ أوراق مزيفة، تقييم أمني سلبي، ضياع الملفات أو تأخر الملفات وعدم حسمها لفترة طويلة وما إلى ذلك، ولا أحد يستطيع أن يعطي تصوراً لما سيحدث بعد ذلك؛ هل هو رفض نهائي أم قابل لإعادة التقييم مرة أخرى وهل سيتم تبليغ المرفوضين ويتاح لهم الاعتراض كلها أسئلة مشروعة في ظل عدم وجود تصريح رسمي أو تبرير منطقي لما حدث؟
بناء على ما صدر من قرارات الازالة لملفات الجنسية الاستثنائية هناك المئات بل آلاف الحالات من الكفاءات العلمية من أطباء ومهندسين وباقي الشهادات الجامعية ومنهم من تخرج من جامعات عريقة في الغرب أو حتى من تركيا، هناك من تزوج من تركية أو تزوجت من تركي، هناك العشرات كانوا في الصفوف الأولى من الأطباء السوريين في مواجهة مرض العصر كوفيد19، هناك من أنجز العشرات من المشاريع وصدر الملايين من الدولارات من البضائع التركية وروجها في أسواق كانت بعيدة المنال بالنسبة للبضائع التركية وهناك من ألغى ملف الهجرة إلى أميركا أو أوروبا قبل سنوات عندما حصل على ترشيح للجنسية الاستثنائية وهناك سلسلة طويلة من المظلومين والمقهورين من هذه الخطوة التي قضت على آمال كثير منهم وباتت تركيا سجناً يضيق على أحلامهم وطموحاتهم وقاموا بإعادة ترتيب أوراقهم والبحث عن وطن يمنحهم حق المواطنة والجنسية ويؤمن لهم شعوراً بالأمان والاستقرار على حد تعبيرهم إذ لا حل قريب في وطنهم الأم سورية.
خسرتهم حقيقة تركيا التي كانوا يرغبون بكل ماي ملكون أن يردوا لها الجميل قبل أن يخسر السوريون أنفسهم ذلك، حيث لا يخفى على أحد في العالم اليوم بأن السوريون حققوا في كل الدول التي أقاموا فيها نجاحات يشار إليها بالبنان، الكتلة التي رفضت ملفاتها سيغادر قسم كبير منهم تركيا بحثاً عن ملاذ آمن، وخاصة ضمن ظروف الحصول على أوراق رسمية من سفارات النظام وقنصلياتها ودفعهم مبالغ مالية كبيرة تذهب بالكامل لدعم النظام الذي يمعن في قتل السوريين، سيذكرون تركيا بغصة وسيغادرون أهاليهم وأصدقائهم بحرقة ويبدؤون البحث من جديد والبناء من الصفر وهدم كل ما تم بناؤه في تركيا.
نذكر أيضاً أنه تمت المطالبة سابقاً من قبل أصحاب الرأي السوريين في تركيا أن يُعاد النظر في كل الملفات المرفوضة أو تعطي للسوريين إقامات طويلة الأمد وتمنحهم وثائق سفر مؤقتة وتمنحهم حق التملك لضمان حق الملكية وإمكانية تسجيلها بأسمائهم وتمنحهم حق التنقل بين المدن والولايات التركية دون أذن سفر أو أن يكون ذلك بشكل روتيني الكترونياً ومنح حق الاعتراض في حالات الرفض القليلة المبررة.
لا نغفل أبداً أن من حق تركيا أن تمنح جنسيتها لمن ترغب استثنائياً لكن انتظار4 سنوات أثر بشكل كبير على السوريين الذين تمت ازالة ملفاتهم من حيث القرارات المستقبلية والقرارات المصيرية خاصة في اختيار بلد الاستقرار النهائي في ظل الوضع الامني الأسوأ عالمياً في سوريا حتى اليوم، حيث بالنسبة لهم بدأت عملية بحث جديدة والبناء من الصفر بعد 9 سنوات على الهجرة والنزوح الى تركيا.
آهات وآلام السوريين لا تنتهي إلا بإزالة نظام الأسد الذي حرق الشجر والحجر والبشر وشتت السوريين في أصقاع الأرض وجعلهم يبحثون عن وطن يوفر لهم الكرامة بعد أن عدموها في بلادهم وتمنحهم جنسيتها وجوازها الذي يتيح التنقل بحرية مثل كل البشر ضمن البلد الذي يقيمون وينفتحون على العالم ليحققوا آمالهم وطموحاتهم.